للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنسان مثلا: رأيت القطب, فإن الأخذ به يكون قبول خبر لا تقليد؛ لأنه لم يكن هذا القول مستندا إلى الاجتهاد، بل يستند إلى الرؤية١.

هذا ما يتصل بمعنى كل من الاجتهاد، والتقليد، ويرى البعض أن القياس والاجتهاد بمعنى واحد، قال الشيرازي في كتابه "اللمع" في أصول الفقه: ذهب بعض الناس إلى أن القياس هو الاجتهاد, والصحيح أن الاجتهاد أعم من القياس؛ لأن الاجتهاد بذل المجتهد وسعه في طلب الحكم، وذلك يدخل فيه حمل المطلق على المقيد، وترتيب العام على الخاص، وجميع الوجوه التي يطلب منها الحكم، وبعض ذلك ليس بقياس.

وقال القاضي عبد الوهاب من المالكية في كتابه "الملخص" في أصول الفقه: ذهب بعض أهل الأصول إلى أن الاجتهاد هو القياس, وأنهما اسمان بمعنى واحد، وهذا غير صحيح؛ لأن الاجتهاد أعم من القياس ينظم القياس وغيره، ولذلك قالوا: هذا الحكم علمناه قياسا وهذا علمناه اجتهادا، وقال في مواضع أخرى: اعلم أن الاستدلال أعم من القياس؛ لأن كل قياس يتضمن الاستدلال وليس كل دليل قياسا، يبين ذلك أن الاستدلال يصح في الظواهر والاستنباط على غير وجه القياس٢.

ومن المعلوم أن هناك ثلاثة أنواع من الاجتهاد.

أحدها: الاجتهاد المطلق، وهو أم تتوافر في الشخص القدرة على استنباط


١ التعريفات للجرجاني، ص٣٧، ٣٨ وكفاية الأخيار، لتقي الدين الحصني، ج١، ص٩٧.
٢ نقلا عن كتاب الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض, للسيوطي، ص٨٣.

<<  <   >  >>