للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد سئل أبو بكر عن الميراث الذي تستحقه الجدة؟ فقال لها: مالك في كتاب الله شيء، ولا أعلم لك في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا، ولكن ارجعي حتى أسأل الناس، ثم قام، فقال: أنشد الله من يعلم قضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجدة، فقام المغيرة بن شعبة فقال: أشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاها السدس.

وثبت أن عمر -رضي الله عنه- استشار الناس في إملاص المرأة "أي: إسقاط جنينها بجناية عليها"، فقال المغيرة بن شعبة: شهدت النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى فيه بغرة١: عبد أو أمة، فقال لتأتين بمن يشهد معك، فشهد له محمد بن مسلمة.

ومعنى هذا أنه لا مانع من أن يتوقف المجتهد في بعض المسائل.

وصرح العلماء بأنه لا يشترط في المجتهد أن يعرف المسائل التي فرعها المحتهدون في كتبهم؛ لأن هذه فروع فرعها الفقهاء بعد أن حازوا رتبة الاجتهاد، فلا تكون شرطا له.

وصرح ابن قدامة بأنه ليس من شرط الاجتهاد في مسألة أن يكون مجتهدا في كل المسائل، بل من عرف أدلة مسألة وما يتعلق بها تثبت له صفة الاجتهاد وإن كان جاهلا بغيرها، وذلك كما إذا كان يعرف الفرائض وأصولها فليس من شرط


١ سمى العبد والأمة غرة؛ لأنهما من أنفس الأموال، فالغرة عند العرب أنفس شيء يملك, وقد أجمع الفقهاء على تقدير الغرة بخمس من الإبل.
وتجب الغرة في الجنين الذكر، وفي الجنين الأنثى، ولا فرق في قيمة الواجب لكل منهما، والفقهاء يقدرون دية الجنين الذكر بنصف عشر الدية الكاملة، ولما كانت دية الرجل الكاملة هي مائة من الإبل فإن نصف عشرها يكون خمسا من الإبل، ويقدر الفقهاء دية الجنين الأنثى بعشر دية الأم، ولما كانت دية المرأة خمسين من الإبل؛ لأنها نصف دية الرجل، فيكون عشرها خمسا من الإبل.
التشريع الجنائي الإسلامي للأستاذ عبد القادر عودة، ج٢، ص٢٩٩، دار التراث بالقاهرة.

<<  <   >  >>