للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اجتهاده فيها أن يكون عارفا بالبيوع، أو الحدود، أو غيرهما من مجالات الفقه الإسلامي. وقد ثبت أنه ما من إمام من الأئمة المجتهدين إلا وتوقف في بعض المسائل، وقال بعض العلماء: من يجيب في كل مسألة فهو مجنون، وإذا ترك العالم كلمة "لا أدري" أصيبت مقاتله.

وحكى أن الإمام مالكا رضي الله عنه، وهو أحد الأئمة الأربعة المشتهرين سئل عن أربعين مسألة، فقال في ست وثلاثين منها: لا أدري، ولم يخرج بذلك عن كونه أحد المجتهدين الكبار.

وإنما المعتبر أصول هذه الأمور, وهو مجموع مدون في فروع الفقه وأصوله، فمن عرف ذلك، ورزق فهمه كان مجتهدا له الفتيا، وولاية القضاء١. وبين العلماء أن الاجتهاد المطلق أصبح سهلا بعد أن دونت العلوم، قال ابن الصباغ: "إن هذا سهل في هذا الزمان "يقصد زمانه" فإن العلوم دونت وجمعت".

وما صرح به ابن قدامة يصح أن يسمى بتجزؤ الاجتهاد، ومعنى تجزؤ الاجتهاد أن تكون عنده القدرة على الاجتهاد في فن من فنون الفقه دون الفن الآخر منه٢ كما لو كانت عنده قدرة الاجتهاد في فقه الأسرة فقط، أو فقه العبادات فقط، أو فقه المعاملات وهكذا.

وبعض فقهاء الشافعية أيضا صرح بجواز تجزؤ الاجتهاد، قال محمد


١ المغني ج٩، ص٤٢، وإرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، للقسطلاني، ج١٠، ص٢٣٤، دار الفكر. والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، لمحمد بن أحمد الشربيني الخطيب، ج٥، ص٨١. مطابع الشعب.
٢ كتاب النيل وشفاء العليل، لضياء الدين عبد العزيز الثميني مع شرحه لمحمد بن يوسف أطفيش، ج١٧، ص٤٧٥.

<<  <   >  >>