للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشربيني الخطيب "ويجوز تبعيض الاجتهاد بأن يكون العالم مجتهدا في باب دون باب، فيكفيه علم ما يتعلق بالباب الذي يجتهد فيه"١. والواقع أن العلماء مختلفون في هذه القضية، ففريق من العلماء يرى أن الاجتهاد يتبعض أي: يتجزأ، وعزاه الصفي الهندي٢ إلى الأكثرين من علماء الأمة، قال الشوكاني٣: "قال ابن دقيق العيد وهو المختار؛ لأنه قد يمكن العناية بباب من الأبواب الفقهية حتى تحصل المعرفة بمآخذ أحكامه، وإذا حصلت المعرفة بالمآخذ أمكن الاجتهاد" ا. هـ.

ومن أدلة هذا الرأي أنه لو لم يكن من المآثر تجزؤ الاجتهاد للزم أن يكون المجتهد عالما بجميع المسائل، واللازم منتف؛ لأن الواقع يبين أن كثيرا من علماء الأمة المجتهدين سئلوا في مسائل فلم يجيبوا بالحكم فيها، وكثيرا منهم سئل في مسائل فأجاب عن بعضها فقط، ولم يجب عن البعض الآخر، ولم يغير هذا من وصفهم ومكانتهم بأنهم مجتهدون بلا خلاف.

وفريق آخر يرى أن الاجتهاد لا يتجزأ، ويستندون إلى أن من لا يستطيع الاجتهاد في بعض المسائل لا يستطيع الاجتهاد في البعض الآخر؛ لأن أكثر علوم الاجتهاد يتعلق بعضها ببعض, وكلها متناظمة متسقة بعضها مع البعض الآخر, وخاصة ما كان من علوم الاجتهاد مرجعه إلى ثبوت ملكة الاستنباط للأحكام


١ الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، ج٢، ص٢٩٨.
٢ الصفي الهندي هو محمد بن عبد الرحيم صفي الدين الهندي، توفي سنة ٧١٥هـ، فقيه شافعي، ولد بالهند، وقدم اليمن، ثم انتقل إلى مكة، فالقاهرة، فالبلاد الرومية فدمشق، من مؤلفاته النهاية في أصول الفقه، انظر ما كتبه محققو كتاب "السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار" للشوكاني، ج١، ص٢٤، "هامش" بتحقيق محمود النواوي وآخرين من مطبوعات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر، سنة ١٩٩٣.
٣ السيل الجرار، للشوكاني، ج١، ص٢٤.

<<  <   >  >>