للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان ذلك في اجتماعهم في سقيفة بني ساعدة١, يوم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

والاحتياج إلى رئيس الدولة إنما هو لإيصال الحقوق إلى أصحابها، وإنصاف المظلوم من الظالم، وقطع المنازعات، وإقامة الحدود على مرتكبي الجرائم التي تستحقها, وغير ذلك من الأمور التي لا تتحقق إلا بوجود رئيس للدولة.

ومن المعلوم أن رئيس الدولة لا يمكنه أن يقوم بهذه الأمور التي نصب لها، وإنما يحتاج إلى نائب يقوم بهذه الأمور نيابة عنه في ذلك، وهو القاضي.

ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبعث القضاة إلى النواحي المختلفة، فبعث معاذ بن جبل إلى اليمن، وبعث عتاب بن أسيد إلى مكة كما بينا سابقا فكان نصب القاضي من ضرورات نصب رئيس للدولة، فكان فرضًا٢.

ينبغي اختيار الأفضل:

هذا، وقد بيّن العلماء أنه ينبغي لمن له ولاية تقليد القضاة, وهو رئيس الدولة أو من يقوم مقامه أن يختار لهذا المنصب من هو أقدر وأولى, لديانته وعفته وقوته دون غيره، استنادا إلى ما رواه الطبراني عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من تولى من أمر المسلمين شيئًا فاستعمل عليهم رجلا، وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين".


١ سقيفة بني ساعدة كانت مكانا للاجتماعات العامة في المدينة كما كانت دار الندوة بمكة المكرمة.
٢ بدائع الصنائع للكاساني، ج٧، ص٤.

<<  <   >  >>