للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سماع الدعوى التي تركها صاحبها سنين معينة، وهذا يؤدي إلى أن المدعي صاحب الحق لن يجد قاضيا يدعي أمامه، فتكون النتيجة لهذا سقوط الحق بالتقادم.

ولهذا فإننا نرى أن المالكية كانوا أكثر وضوحا -كما سنعلم قريبا- عندما قرر بعضهم سقوط الحق بمضي سنين معينة، وليس عدم سماع الدعوى فقط.

وكذلك وجدنا عند الشافعية أن بعضهم -كالإمام الرملي- أفتى أن الحق إذا مضى عليه خمس عشرة سنة، لا تسمع به الدعوى لمنع ولي الأمر القضاة من ذلك، فلم يجد صاحبه قاضيا يدعيه عنده١.

ما يراه المالكية:

ونجد المالكية مختلفين، فبعضهم يرى أن الديون الثابتة في الذمة يسقطها مضي عشرين عاما مع حضور رب الدين، وتمكنه من الطلب به، ولا يوجد مانع يمنعه منه، وبعضهم يرى أن الديون تسقط بمضي ثلاثين عاما، إذا كان صاحب الدين أيضا حاضرا، ومتمكنا من الطلب بها، وهذا ما يراه مالك -رضي الله عنه، ويرى بعضهم عدم سقوطها أصلا، وهذا هو الذي اختاره ابن رشد في البيان، فقد قال: "إذا تقرر الدين في الذمة، وثبت فيها لا يبطل وإن طالب الزمان، وكان ربه حاضرا ساكتا قادرا على الطلب به، لعموم خبر "لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم"٢.


١ حاشية الجمل على شرح المنهج، ص٣٣٩، مطبعة مصطفى محمد.
٢ الدسوقي على الشرح الكبير، ج٤، ص٢٣٦، والشرح الصغير، ج٥، ص٦٧، مطبعة صبيح.

<<  <   >  >>