حراما، أو حرم حلالا، ومن ادعى حقا غائبا أو بينة فاضرب له أمدا ينتهي إليه، فإن جاء ببينة أعطيته حقه وإلا استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ للعذر وأجلى للعمى، ولا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فرجعت فيه عقلك، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما ليس في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم، ثم اعرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور عند ذلك، واعمد إلى أقربها إلى الله تعالى، وأشبهها بالحق، المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد، أو مجربا عليه شهادة زور، أو ظنينا في ولاء، أو نسب، أو قرابة، فإن الله تعالى تولى منكم السرائر، وادرأ بالبينات والأيمان، وإياك والغضب، والقلق، والضجر، والتأذي بالناس عند الخصومة، والتنكر عند الخصومات، فإن القضاء عند مواطن الحق يوجب الله تعالى به الأجر، ويحسن به الذكر، فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس، ومن تخلق للناس بما ليس في قلبه شانه الله تعالى، فإن الله تعالى لا يقبل من العباد إلا ما كان خالصا فما ظنك بثواب من الله في عاجل زرقة وخزائن رحمته، والسلام" ا. هـ١.
بعد ذلك نقول: إذا صحت الدعوى بتوفر الشروط المطلوب فيها، فإن على القاضي أن يسأل الخصم "المدعى عليه" عنها، كأن يقول: خصمك ادعى عليك كذا وكذا، فماذا تقول؟ فإذا أقر المدعى عليه حكم القاضي عليه بإقراره، وإن أنكر، سأل القاضي المدعي البينة في دعواه، فإن أقامها يحكم القاضي على خصمه، وإذا لم يقم البينة قام القاضي بتحليف الخصم "المدعى عليه" إن طلب المدعي تحليفه؛ لأنه حقه، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- روي عنه أنه قال