للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تتوجه إلا على الشخص الذي ثبت أن بينه وبين المدعي خلطة، لئلا يبتذل السفهاء أهل الفضل، بتحليفهم مرارا في اليوم الواحد، فاشترطت الخلطة حتى تدفع هذه المفسدة.

وقال المؤيدون لهذا الرأي أيضًا: قد ثبت وتقرر أن الإقدام على اليمين يصعب على كثير من الناس، سيما على أهل الدين، وذوي المراتب والأقدار، وهذا أمر معتاد بين الناس على مر الأعصار، لا يمكن جحده، وكذلك روي عن جماعة من الصحابة أنهم افتدوا من أيمانهم، منهم عثمان وابن مسعود، وغيرهما، وإنما فعلوا ذلك لمروءتهم، ولئلا يبقى للظلمة إليهم إذا حلفوا -ممن يعادي الحالف، ويحب الطعن عليه- طريق إلى ذلك.

وبعض فقهاء المالكية يرى أنه لا تشترط الخلطة في تحليف المدعى عليه، وأن القول باشتراط الخلطة قول ضعيف، وجرى العمل في المذهب المالكي على الرأي القائل بعدم اشتراط الخلطة١.

وعلى القول الذي يذهب إلى اشتراط ثبوت الخلطة، هل يشترط تعدد العدول في إثباتها؟ هنا أيضا رأيان عند من يرى ثبوت الخلطة: أحدهما أنه تثبت الخلطة بعدل واحد، ولو كان امرأة، لكن بعض فقهاء المالكية بيّن أن هذا الرأي ضعيف٢.

ومع أن المالكية -كما بينا- مختلفون في اشتراط ثبوت الخلطة، في تحليف


١ بلغة السالك لأقرب المسالك، إلى مذهب الإمام مالك، لأحمد بن محمد الصاوي على الشرح الصغير، لأحمد بن محمد بن أحمد الدردير، ج٣، ص٣٣٩. مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر، ١٩٥٢.
٢ المصدر السابق، ج٣، ص٣٣٩.

<<  <   >  >>