للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل يحلف القاضي من لا يعتقد بوجود الله تعالى:

بيّن العلماء أن القاضي يحلّف الدهري أيضا, وهو من لا يعتقد خالقا ولا معبودا، كالشيوعيين، فيحلفه بالله الخالق الرازق، وأجابوا على سؤال يمكن أن يثار هنا، وهو أن الدهري لا ينزجر باليمين فلما فائدة تحليفه؟ قالوا: إن في تحليفه فائدتين:

إحداهما: إجراء حكم المسلمين عليهم، فالله تبارك وتعالى يقول: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} .

الثانية: أن يزداد بهذا اليمين إثما، ويدركه شؤمها، فربما يتعجل بها انتقام الله عز وجل١، وقد روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يمين الغموس تدع الديار بلاقع" ٢. وهو حديث رواه أبو حنيفة من حديث أبي هريرة، ولفظه "تذر" بدل "تدع"، وأخرجه أبو داود، والبيهقي وقالا عنه: إنه مشهور بالإرسال، ورواه عبد الرزاق مرسلان ومعضلا٣.


١ المصدر السابق، ج١، ص٥٤٨.
٢ البلقع والبلقعة: الأرض القفر التي لا شيء عليها.
٣ المقدمة السلطانية في السياسة الشرعية، لطوغان شيخ المحمدي الأحمدي من علماء الحنفية في القرن التاسع الهجري، وهي موضوع رسالة ماجستير مقدمة من يوسف صديق إسماعيل، إلى كلية الشريعة والقانون بالقاهرة، مكتوبة بالآلة الكاتبة، ص٣٢٣، ٣٢٤. ومعنى الحديث المرسل، ما سقط منه الصحابي بأن يرفعه التابعي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، بأن يقول التابعي كالحسن البصري مثلا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجمهور المحدثين يرون أن المرسل من أنواع الأحاديث الضعيفة، وأما الفقهاء فبعضهم يوافق جمهور علماء الحديث كالإمام الشافعي، وكثير من الفقهاء والأصوليين، وبعضهم يحتج بالحديث المرسل كالإمام أبي حنيفة، والإمام مالك، وقول عن الإمام أحمد، وبعض أهل العلم.
وأما الحديث المعضل فهو ما سقط من رواته راويان متتاليان أو أكثر سواء كان السقوط حقيقيا أم حكميا، والسقوط الحقيقي كإرسال تابع التابعي, وكأن يقول بعض المؤلفين في الفقه الإسلامي في القرن الثاني الهجري وما بعده، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنه يوجد راويان فأكثر بين هؤلاء المؤلفين ورسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأما السقوط الحكمي فيتحقق بوجود راويين مبهمين متواليين. انظر المختصر الوجيز في علوم الحديث للدكتور محمد عجاج الخطيب، ص١٥١، ١٥٢ مؤسسة الرسالة.

<<  <   >  >>