للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن القيم، وأيدا هذا التقسيم بنقول من فقههم أي: فقه الحنفية وفقه المالكية، يقول الطرابلسي عند كلامه عن المتهم المعروف بالفجور١: "إذا رفع للقاضي رجل يعرف بالسرقة والدعارة فادعى عليه بذلك رجل فحبسه لاختبار ذلك، فأقر في السجن بما ادعي عليه من ذلك فذلك يلزمه، وهذا الحبس خارج عن الإكراه، قال في شرح التجريد في مثله: وإن خوفه بضرب سوط، أو حبس يوم حتى يقر فليس هذا بإكراه، قال محمد: وليس في هذا وقت، ولكن ما يجيء منه الاغتمام البين؛ لأن الناس متفاوتون في ذلك، فرب إنسان يغتم بحبس يوم، والآخر لا يغتم، لتفاوتهم في الشرف والدناءة، فيفوض ذلك إلى رأي كل قاض وزمانه، فينظر إن رأى أن ذلك الإكراه فوت عليه رضاه أبطله وإلا فلا".

واختلف العلماء فيما إذا أقر المتهم المعروف بالفجور حال الضرب أو الحبس، فبعضهم يرى أنه يؤخذ بهذا الإقرار إذا ظهر صدقه، مثل أن يخرج الشيء المسروق بعينه، ولو رجع عن ذلك الإقرار بعد الضرب لا يقبل منه الرجوع بل يؤخذ به، والبعض من العلماء يرى أنه لا بد من إقرار آخر بعد الضرب وإذا رجع عن الإقرار لم يؤخذ به٢.

وبعد، فيحسن أن نوضح هنا أن الطرابلسي الفقيه الحنفي يرى أن حبس المتهم أو ضربه ليقر إنما هو في قضايا الأموال، وأما لو أكرهه القاضي أو غيره على الإقرار بجريمة تستحق حدا، أو قصاصا فلا يجوز إقراره٣.

ويرى بعض العلماء أن الضرب حرام سواء ضرب ليقر أو ليصدق٤.


١ معين الحكام، للطرابلسي، ص١٧٩.
٢ مجموع فتاوى ابن تيمية، ج٣٥، ص٤٠٤.
٣ معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، للطرابلسي، ص١٧٩، مطبعة مصطفى الحلبي.
٤ حاشية البجيرمي على المنهج ج٣، ص٧٣.

<<  <   >  >>