للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكم الرجوع في حد القذف:

وقد بين العلماء أن هذا بالنسبة للحدود التي تعد حقوقا خالصة لله عز وجل، أما حد القذف فلأنه فيه حقا لله عز وجل وحقا للإنسان -على اختلاف بين العلماء في أي الحقين هو الغالب١- فلا يجوز للقاضي ولا غيره أن يعرض فيه للمقر بالرجوع؛ لأنه يؤدي إلى ضياع حق الإنسان الذي طعن في شرفه وعرضه، وهو محتاج إلى دفع هذا العار الذي حاول أن يلصقه به المقر.

الرجوع عن الإقرار في السرقة يصح في حق العقوبة:

وقال بعض العلماء إن الرجوع عن الإقرار في السرقة يصح في حق العقوبة وهي قطع اليد، لا في حق المال؛ لأن حد السرقة حق خالص لله عز وجل، فيصح الرجوع عنه، فأما المال فحق الإنسان فلا يصح الرجوع فيه.

وأما حد القذف فلا يصح الرجوع عن الإقرار فيه؛ لأن فيه حقا للإنسان فيكون المقر متهما في الرجوع فلا يصح كالرجوع عن الإقرار في سائر الحقوق الخالصة للإنسان.

الرجوع عن الإقرار بالقصاص:

وكذلك الرجوع عن الإقرار بالقصاص لا يصح؛ لأن القصاص حق خالص للإنسان فلا يحتمل الرجوع٢.


١ اختلف العلماء في حد القذف، هل حق الله غالب فيه على حق الآدمي، أم أن حق الآدمي غالب على حق الله تبارك وتعالى، فيرى أبو حنيفة أن حق الله هو الأغلب كما في سائر الحدود، ويرى الشافعي أن الأغلب فيه حق الإنسان.
٢ بدائع الصنائع، ج٧، ص٢٣٣.

<<  <   >  >>