للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودليل وجوبها قول الحق تبارك وتعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} ١، فقد نهى الله تبارك وتعالى عن الإباء عند الدعاء للشهادة، وهذا أمر بالحضور عند الدعاء، وقوله تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ} ٢، وهذا وعيد من الله عز وجل، واستحقاق الوعيد بترك الواجب. وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} وفي الآية الأخرى: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} .

ولأن الشهادة أماة فيلزمه أداؤها عند طلبها قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} .

ومعنى أن الشهادة فرض على الكفاية، أنه إذا أدى الشهادة البعض من الناس سقط الفرض عن الباقين؛ لأنه إذا أبى جميع الناس أن يؤدوا الشهادة أدى هذا إلى إضاعة الحقوق، وإذا أجاب الناس كلهم إليها أدى هذا إلى تضييع الأعمال، فصارت لهذا فرضا على الكفاية٣. فإذا عجز عن أدائها أو كان سيلحقه ضرر في بدنه، أو ماله، أو أهله، أو عرضه فقد أفتى بعض العلماء بأنها لا تجب عليه٤، لقول الله عز وجل: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} ٥.


١ سورة البقرة، الآية رقم: ٢٨٢.
٢ سورة البقرة، الآية رقم: ٢٨٣.
٣ أحكام القرآن، لابن العربي، القسم الأول، ص٢٥٦.
٤ المغني، ج٩، ص١٥٧، ١٥٨، وكشاف القناع، ج٦، ص٤٠٠.
٥ سورة البقرة، الآية رقم ٢٨٢.

<<  <   >  >>