للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- السماع.

وما عدا ذلك من مدارك العلم، كالشم والذوق، واللمس، لا حاجة إليها في الشهادة في الأغلب.

فأما ما يقع بالرؤية فالأفعال، مثل الغصب، والإتلاف، والزنا، وشرب الخمر، وسائر الأفعال، وكذلك الصفات المرئية، كالعيوب في البيع ونحوها، فهذا لا تتحمل الشهادة فيه إلا بالرؤية؛ لأن الشهادة عليه ممكنة قطعا، فلا يرجع إلى غير ذلك.

وأما السماع فنوعان:

أحدهما: السماع من المشهود عليه، مثل العقود كالبيع، والإجارة، والرهن، وغير ذلك من الأقوال، فلا بد من سماع كلام المتعاقدين، ولكن هل لا بد من رؤية المتعاقدين أم يكفي سماع صوتيهما من غير رؤية:

يرى بعض العلماء أنه لا تجوز الشهادة إلا إذا شاهد الشاهد المشهود عليه، وهذا ما يراه أبو حنيفة، والشافعي؛ لأن الأصوات تتشابه، فلا يجوز أن يشهد عليها من غير رؤية، كالشهادة على الخط.

ويرى فريق آخر من العلماء أنه لا يشترط رؤية المتعاقدين إذا عرفهما الشاهد وتيقن كلامهما، وهذا ما يراه ابن عباس، والزهري، وربيعة، والليث بن سعد، وشريح، وعطاء، وابن أبي ليلى، ومالك، والحنابلة؛ لأن الشاهد عرف المشهود عليه يقينا فجازت شهادته عليه كما لو كان رآه، وجواز اشتباه الأصوات كجواز اشتباه الصور، وإنما تجوز الشهادة لمن عرف المشهود عليه يقينا، وقد يحصل العلم

<<  <   >  >>