للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالسماع يقينا، وقد ثبت أن الشرع اعتبره، فإنه من الجائز رواية الحديث الشريف من غير رؤية، ولهذا قبلت رواية الأعمى للحديث، ورواية الذين رووا الحديث عن أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غير محارمهن، فإنهم رووا عنهن الحديث من غير رؤية لهن؛ لأن مخاطبة الرجال الأجانب لزوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا تجوز إلا من وراء حجاب، قال تبارك وتعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ١.

النوع الثاني من السماع: ما يعلمه بالاستفاضة:

وقد اتفق العلماء على صحة الشهادة بالاستفاضة في النسب، والولادة قال ابن المنذر: أما النسب فلا أعلم أحدا من أهل العلم منع منه، ولو منع ذلك لاستحالت معرفة الشهادة به، إذ لا سبيل إلى معرفته قطعا بغيره، ولا يمكن المشاهدة فيه، ولو اعتبرت المشاهدة لما عرف أحد أباه ولا أمه ولا أحدا من أقاربه.

واختلف الفقهاء فيما تجوز الشهادة عليه بالاستفاضة غير النسب والولادة، فيرى الحنابلة وبعض فقهاء الشافعية أن الشهادة بالاستفاضة تجوز على تسعة أشياء: الزوجية، والملك المطلق، أي: الذي لم يبين له سبب من عقد أو غيره، والوقف ومصرفه، والموت، والعتق، والولاء٢، والولاية، والعزل؛ لأن هذه الأشياء تتعذر الشهادة عليها في الغالب بمشاهدتها أو مشاهدة أسبابها، فجازت الشهادة عليها بالاستفاضة كالنسب.


١ سورة الأحزاب، من الآية رقم: ٥٣.
٢ إذا أعتق السيد عبده أو جاريته، نشأت علاقة بينهما تسمى الولاء، وهي علاقة أشبه بعلاقة النسب، لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب" فتعطي للسيد حق ثبوت ميراث العبد الذي أعتقه، أو الجارية التي أعتقها إذا لم يكن للعبد أو الجارية من يرثه، أو وجد من يرثه لكنه لم يستغرق نصيبه كل التركة.

<<  <   >  >>