للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألفاظ الحلف، فالامتناع عن الكذب بهذا اللفظ أظهر بخلاف التكبير فإنه للتعظيم، وليس لفظ أكبر أبلغ من لفظ أجل، أو لفظ أعظم، فكانت الألفاظ سواء، فلم يثبت خصوصية توجب تعيين لفظ أكبر١.

وأما ابن قدامة، الفقيه الحنبلي الشهير، فقد علل لاشتراط لفظ الشهادة بأمرين:

الأمر الأول: أن الشهادة مصدر شهد يشهد شهادة، فلا بد من الإتيان بفعلها المشتق منها.

الأمر الثاني: أن لفظة الشهادة فيها معنى لا يحصل في غيرها من اللفظات، بدليل أنها تستعمل في اليمين فيقال: أشهد بالله، ولهذا تستعمل في اللعان ولا يحصل ذلك من غيرها من الألفاظ٢.

ونرى أن الرأي القائل بعدم اشتراط لفظ أشهد أولى بالترجيح، ونقول مع ابن القيم: "ليس في كتاب الله تعالى، ولا سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موضع واحد يدل على اشتراط لفظ الشهادة، ولا ورد ذلك من أحد من الصحابة، ولا ورد في القياس والاستنباط ما يقتضي ذلك، بل الأدلة المتظاهرة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، ولغة العرب تنفي ذلك، قال الله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ} الآية، ومعلوم أنه ليس المراد التلفظ بلفظ أشهد في هذا المحل، بل مجرد الإخبار بتحريمه، وقال تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ} ، ولا يتوقف صحة ذلك على أن يقول سبحانه: أشهد، وكذلك قوله تعالى: {شَهِدَ


١ فتح القدير، ج٧، ص٣٧٦.
٢ المغني، ج٩، ص٢١٦.

<<  <   >  >>