للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية، وتفرقهم شيعا، وإذاقة بعضهم بأس بعض، وليست عداوة شخصية بين الأفراد لأمر من الأمور الدنيوية، والعداوة بين فرق الأمة الإسلامية لم تمنع قبول شهادة بعضهم على بعض١.

ثالثا: احتج الشافعي -رضي الله تعالى عنه- بأن من كذب على الله فهو أولى أن يكذب على مثله من إخوانه وأقاربه، أي: كأن الشافعي -رضي الله عنه- يرى أن من تجرأ على الكذب على الخالق فأنكر نبوة رسول من رسله فإن تجرؤه على الخلق يكون أولى.

مناقشة هذا الاستدلال:

أجاب المخالفون بأن جميع أهل البدع قد كذبوا على الله ورسوله، والخوارج من أصدق الناس لهجة ومع ذلك فقد كذبوا على الله ورسوله، وكذلك القدرية والمعتزلة، وهم يظنون أنهم صادقون غير كاذبين، فهم متدينون بهذا الكذب، ويظنون أنه من أصدق الصدق.

رابعا: قبول شهادتهم فيه إكرام لهم، ورفع منزلتهم وقدرهم ورذيلة الكفر تنفي ذلك.


١ قال الشافعي في كتابه "الأم": "ذهب الناس في تأويل القرآن والأحاديث إلى أمور تباينوا فيها تباينا شديدا، واستحل بعضهم من بعض ما تطول حكايته، وكان ذلك متقادما، منه ما كان في عهد السلف وإلى يومنا هذا، ولم نعلم أحدا من سلف الأمة يقتدي به، ولا من بعدهم من التابعين رد شهادة أحد بتأويل، وإن خطأه وضلله، ورآه استحل ما حرم الله تعالى عليه، فلا ترد شهادة أحد بشيء من التأويل إذا كان له وجه يحتمله، وإن بلغ فيه استحلال المال والدم". نقلنا هذا النص للشافعي في كتاب "الأم" عن تقي الدين الحصني، في كتابه "كفاية الأخيار"، ج٢، ص٢٧٧، ٢٧٨.

<<  <   >  >>