للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تجوز على غيرهم".

مناقشة هذا الاستدلال:

أجيب عن هذا بأن علماء الحديث قد ضعفوا هذا الحديث، بأن أحد رواته ضعيف وهو عمر بن راشد، ورواه عبد الرزاق بمعناه مرسلا، والمرسل ضعيف عند جمهور المحدثين، ورواه البيهقي وضعفه١.

ثانيا: أهل الملة الواحدة بعضهم يلي على بعض، ولا عداوة بينهم ولا بغضاء فجازت الشهادة فيما بينهم، أما الكفار مختلفو الملل فبينهم من العداوة والبغضاء ما يقطع الولاية ويمنع قبول الشهادة، قال تبارك وتعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} ، وقال عز وجل: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} ، وإن كان هذا شأنهم فلا تقبل شهادتهم على بعض.

مناقشة هذا الاستدلال:

أجيب عن هذا الاستدلال بأن العداوة التي بين الملل المختلفة من الكفار إنما هي عداوة دينية، والعداوة الدينية ليست مانعا من قبول الشهادة، كالعداوة التي بين فرق الأمة الإسلامية٢. وإنما الذي يمنع من الشهادة هو العداوة الشخصية.

الرأي الراجح:

يغلب على الظن ترجيح الرأي القائل بقبول شهادة الكافر على الكافر، ولو اختلفت الملة، لأمرين:

أحدهما: كثرة الأدلة التي استدل بها لهذا الرأي، وسلامته من الاعتراض.

الثاني: الإجابات القوية التي أجيب بها على أدلة المخالفين، وفي النهاية نسأل أصحاب الرأي القائل بعدم قبول شهادة غير المسلمين فيما بينهم إذا تحاكموا إلينا ولم يكن معهم شهود من المسلمين، ألا يحكم القاضي بينهم؟ أم يجيز المانعون هذه الصورة للضرورة، كما أجاز مالك -رضي الله عنه- شهادة الطبيب الكافر على المسلم للضرورة٣.


١ كفاية الأخيار، للحصني ج٢، ص٢٧٥.
٢ مقارنة المذاهب في الفقه للأستاذين محمود شلتوت، ومحمد علي السايس، ص١٣٢، ١٣٤.
٣ مقارنة المذاهب في الفقه للأستاذين الشيخ محمود شلتوت والشيخ محمد علي السايس، ص١٣٤.

<<  <   >  >>