للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل الرأي الثاني: القائل بمنع شهادة غير المسلمين على المسلمين في الوصية في السفر:

أدلة أصحاب هذا الرأي لا تخرج عما استدلوا به على منع شهادة غير المسلمين بعضهم على بعض، وهي المسألة السابقة عن المسألة التي نتكلم فيها الآن، وقد سبق مناقشة ما استدلوا به، ويزاد هنا في الاستدلال على منع شهادة غير المسلمين على المسلمين في الوصية في السفر أن الشهادة من باب الولاية، والكافر ليس له ولاية على المسلم؛ لقول الله عز وجل: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} ، فالله نهانا عن أن يكون للكفار علينا سبيل.

الجواب عن هذا الدليل:

أجيب عن هذا بأن هذا النص الكريم غير متصل بسبيل الشهادة والقضاء، وإنما هو سبيل العزة والقهر والغلب١.

الرأي الرجح:

نرى أن الرأي القائل بصحة شهادة غير المسلم على المسلم في الوصية في السفر أولى بالقبول، لسلامة الاستدلال بالآية الكريمة التي اعتمد عليها أصحاب هذا الرأي, ولضعف ما استدل به المخالفون، وبهذا نكون انتهينا من الكلام عن الشرط الأول من شروط أداء الشهادة، وهو شرط الإسلام، ونواصل الكلام الآن عن بقية شروط أداء الشهادة.

الشرط الثاني من شروط أداء الشهادة: الحرية، وهذا الشرط قال به الفقهاء عندما كان الرق موجودا في عصورهم، لكن هذا الشرط عند القائلين به أصبح


١ مقارنة المذاهب في الفقه، مصدر سابق، ص١٣٥، ١٣٧.

<<  <   >  >>