للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي يشهد أمام القاضي بعدالة الشهود أو ضدها مزكيا، وعندما يتكلم العلماء عن التزكية يبينون أن التزكية تفتقر إلى أن يكون المزكي عارفا من حال الشاهد ما يثبت عدالته، في ظاهر حاله وباطنه، فنرى بعضهم يصرح بأن المزكي يزكي الشاهد عند القاضي, إذا كان للمزكي معرفة بباطن الشاهد كمعرفته لظاهره، وصرح البعض بأن هذا يكون صحبه الصحبة الطويلة، وعامله بالأخذ والعطاء في الحضر والسفر.

كما بيّن العلماء أن الهفوات الصغيرة من الشخص لا تؤثر في تزكيته، قال بعض علماء المالكية: إنه لا يؤثر في ذلك أن يقارف بعض الذنوب كالأمر الخفيف من الزلة والفلتة، فمثل هذا لا يمنع كونه عدلا.

ونقل البعض عن الإمام مالك قوله: من الناس من لا تذكر عيوبهم يكون عيبه خفيفا، والأمر كله حسن، ولا يعصم أحد من أهل الصلاح١.

ويجب على القاضي عند الشافعي وغيره كأحمد، وأبي يوسف ومحمد، أن لا يقبل الشهادة إلا من الشخص الذي ثبتت عدالته، فإذا عرف عدالته قبل شهادته، وإذا عرف فسق الشاهد رد شهادته، ولا يحتاج إلى بحث عنه، كالشخص الذي انتشر خبر فسقه بين الناس.

وإذا لم يعرف القاضي عدالة الشاهد ولا فسقه سأل عنه، أي: سأل الناس الذين يعرفونه عن أحواله؛ لأن معرفة العدالة شرط في قبول الشهادة بجميع الحقوق، وهذا ما يراه الشافعي، ويراه أحمد في رواية عنه.


١ المنتقى، للباجي، شرح موطأ مالك، ج٥، ص١٩٥.

<<  <   >  >>