للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتضافرة -التي تقرب من القطع- على قبول شهادة الأعمى فيما طريقه السمع إذا عرف الصوت١.

وفي الفقه الحنفي نجد رأيا يقول بعدم قبول شهادة الأعمى؛ لأن أداء الشهادة يحتاج إلى التمييز بالإشارة بين المشهود له والمشهود عليه، والأعمى لا يميز إلا بالنغمة، والنغمة قد تشبه النغمة٢.

ويرى المالكية قبول شهادة الأعمى فيما عدا المرئيات مطلقا، من المسموعات والملموسات، والمذوقات، والمشمومات، سواء تحملها قبل العمى أم لا؛ لأنه يضبط الأقوال بسمعه، والملموس، والمذوق، والمشموم يستوي فيه الأعمى وغيره.

قال ابن العربي المفسر المعروف المالكي المذهب -عند تفسير قول الله تبارك وتعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} ٣: "عموم قوله تعالى: {مِنْ رِجَالِكُمْ} يقتضي جواز شهادة الأعمى على ما يتحققه ويعلمه، فإن السمع في الأصوات طريق للعلم كالبصر للألوان، فما علمه أداه، كما يطأ زوجته باللمس والشم، ويأكل بالذوق، فلم لا يشهد على طعام اختلف فيه قد ذاقه"٤.

وأما الأفعال المرئية فلا تجوز شهادته فيها عند المالكية مطلقا, كما هو المذهب عندهم, سواء أكان قد علمها قبل العمى أم لا، كما قال بعضهم، ويرى بعض آخر منهم أنه تجوز شهادته بالأفعال إن كان علمها قبل العمى، أو علمها بحس كما في


١ الطرق الحكمية، ص٢٤٢.
٢ فتح القدير، ج٧، ص٣٩٧.
٣ سورة البقرة، الآية: ٢٨٢.
٤ أحكام القرآن، لابن العربي، القسم الأول، ص٢٥٢.

<<  <   >  >>