للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيرهما، وأمثال ذلك كثير١.

ثانيا: لو أثر الشبه والقافة في نتاج الإنسان لأثر أيضًا في نتاج الحيوان.

مناقشة هذا الاستدلال:

أجيب عن هذا بعدة وجوه:

الوجه الأول: منع الملازمة، إذ لم يذكروا عليها دليلا سوى مجرد الدعوى، فأين التلازم شرعا وعقلا بين الناس.

الوجه الثاني: أن الشارع يتشوف إلى ثبوت الأنساب مهما أمكن، ولا يحكم بانقطاع النسب إلا حيث يتعذر إثباته، ولهذا ثبت بالفراش، وبالدعوى المجردة وبالأسباب التي بمثلها لا يثبت نتاج الحيوان.

الوجه الثالث: أن سبب النسب هو الاتصال الجنسي، وهو إنما يقع غالبا في غاية من التستر والتكتم عن العيون وعن اطلاع القريب والبعيد عليه، فلو كلف بأن يأتي بالبينة على سبب النسب لأدى ذلك إلى ضياع أنساب بني آدم، وفسدت أحكام الصلات التي بينهم، ولهذا وجدنا أن النسب يثبت بأيسر شيء، من فراش، ودعوى، وشبه، حتى إن أبا حنيفة، أثبته بمجرد العقد، مع القطع بعدم وصول أحد الزوجين إلى الآخر وخروجه منهما، احتياطا للنسب، ومن المعلوم أن الشبه أولى وأقوى من ذلك بكثير.

الوجه الرابع: أن الله تبارك وتعالى جعل بين أشخاص الآدميين من الفروق في صورهم, وأصواتهم، وغير ذلك ما يتميز به بعضهم من بعض، ولا يحصل


١ الطرق الحكمية لابن القيم، ص٢٥٢، وما بعدها.

<<  <   >  >>