الاشتباه بينهم بحيث يتساوى الشخصان من كل وجه إلا في بعض الحالات النادرة غاية الندرة، مع أنه أيضًا في هذه الحالات النادرة جدا لا بد من الفرق، وهذا القدر لا يوجد مثله بين أشخاص الحيوان، بل التشابه فيه أكثر، والتماثل أغلب، فلا يكاد الحس يميز بين نتاج حيوان ونتاج حيوان غيره برد كل منهما إلى أمه وأبيه، وإن كان قد يقع ذلك, لكن وقوعه قليل بالنسبة إلى أشخاص الآدميين، فإلحاق أحدهما بالآخر ممتنع.
وبعد، فقد كان ما سبق بعضا مما استدل به المانعون للقافة ودورها في إثبات النسب، وما أجيب به من أصحاب الرأي القائل بأنها وسيلة من وسائل إثباته، وواضح صحة رأي الجمهور وبطلان رأي مخالفيهم؛ لأنه إذا كانت السنة قد دلت على ثبوت النسب بهذا الطريق، فلا مجال للرأي، وإنما يكون العمل بما ثبت بالسنة، وعلى هذا فلا اعتبار بما استند إليه المانعون للقافة في النسب.
شروط القائف:
اشترط العلماء عدة شروط في القائف، حتى تطمئن النفس إلى ما يحكم به، وهذه الشروط هي:
أولا: الإسلام، فلا يقبل قول الكافر في هذا الأمر.
ثانيا: العدالة، فلا يقبل قول الفاسق؛ لأن القائف حاكم، أو قاسم.
ثالثا: أن يكون بصيرا، فلا اعتبار بقول الأعمى، وهذا شرط بدهي، إذ لا يعقل أن يحكم الأعمى بأن هذا ابن هذا بناء على الشبه الموجود بينهما.
رابعا: أن يكون ناطقا، فلا اعتبار بإشارة الأخرس حتى لو كانت إشارته مفهومة.