للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السهل على الحكام وغيرهم أن يصلوا إليها، ويقفوا عليها، ومن هذا النوع قرائن تبلغ درجة من القوة بحيث تفوق في دلالتها دلالة الشهادة وغيرها من طرق الإثبات الأخرى، وذلك كما لو ادعي على رجل أنه ارتكب جريمة الزنا، فبان أنه مجبوب، أو ادعي على امرأة أنها ارتكبت جريمة الزنا فتبين أنها بكر.

أما القول بأن القرائن قد تبدو قوية ثم يعتريها الضعف فالجواب أن ما يعتري القرائن من احتمال الضعف قد يعتري غيرها من وسائل الإثبات، فقد يقر إنسان بالسرقة ثم نتبين بعد ذلك أن إقراره لم يكن اختيارا، وإنما كان تحت تأثير التعذيب ولم يكن سارقا في الواقع، أو يكون الإقرار قد حدث بدون إكراه لكنه كان لسبب آخر دفعه إلى هذا الإقرار الكاذب، وقد يبدو للقاضي أن الشهود صادقون في شهادتهم، ثم يتبين بعد ذلك أنهم شهود زور.

فإذا كانت وسائل الإثبات يتوجه إليه هذا الضعف المحتمل, ولا يكون ذلك قادحا في صلاحيتها للإثبات فكذلك القرائن، ولا معنى لتوجيه هذا للقرائن بخصوصها.

وأيضًا فإن العبرة في هذا حين القضاء، فإذا ظهر وقت القضاء إفادة وسيلة من وسائل الإثبات الغرض المقصود وجب على القاضي أن يقضي بها، وليس مطلوبا من القاضي أن ينظر إلى ما يمكن أن يطرأ في المستقبل، والقرائن وسيلة مثل سائر الوسائل في هذا المعنى١.

ثالثا: أن القرآن والسنة قد ذما اتباع الظن، والقضاء بالقرائن ليس قائما إلا


١ محاضرات في علم القاضي - القرائن، وغيرها للدكتور عبد العال عطوة، ص٤٣.

<<  <   >  >>