إلى الفقه الإسلامي نجد أن العدل المطلق هدف من أهداف القضاء في الإسلام، ويقتضي هذا أن يبحث القاضي عن الحق، فأينما وجده قضى به، وإذا أخطأ القاضي في حكمه فخالف نصا شرعيا من الكتاب الكريم، صريح الدلالة أو السنة الشريفة صريحة الدلالة كذلك أو إجماعا من العلماء على حكم معين فلا بد من نقض هذا الحكم، أي: إبطاله، وقد عبر فقهاؤنا القدامى بنقض الحكم ويريدون به إبطاله واعتباره كأنه لم يكن في صورة معينة، سنتكلم عنها فيما سيأتي قريبا، إن شاء الله تعالى، فليس المراد بالنقض في الفقه الإسلامي بالنقض عند القانونيين وهو أنه أحد طرق الطعن غير العادية، يقصد به تقويم الاعوجاج القانوني في الحكم المطعون فيه، وتوحيد فهم القضاة للقانون١. ونقض هذا الحكم أو طلب نقضه حق لكل من يعلم به، بل واجب عليه، سواء في هذا القاضي الذي أصدره ثم تبين له مصادمته للنصوص الشرعية، أو أحد أطراف الخصومة، بل لأي إنسان آخر ليس له صلة بالقضية أن يطلب نقض هذا الحكم، استنادا إلى سلطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي السلطة التي خولها الله تبارك وتعالى لكل فرد من أفراد المسلمين ليتحقق بذلك الرقابة التي تحقق الإصلاح.
هذا، وسنختار التعبير عن هذه العملية باستئناف الأحكام دون التعبير بأي طريق آخر من طرق الطعن المعروف في القانون الوضعي، والتي أعطينا القارئ فكرة سريعة عنها.
الدليل على جواز الاستئناف في الأحكام:
أقوى ما يدل على جواز الاستئناف في الأحكام القضائية حديث رسول الله
١ القضاء في الإسلام وحماية الحقوق، للدكتور عبد العزيز خليل بديوي، ص٨٠.