للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعي" فهذا الحديث الشريف يفيد حكما عاما لكل الأحوال، فليس مقصورا على حال معينة، بل ينتظم عامة الأحوال دون فصل بين ما قبل الحكم وما بعده١.

وقد حاول بعض العلماء الاستدلال لجواز الاستئناف لكن أدلتهم كان بعضها غير واضح الدلالة، وبعضها حديثا غير ثابت، وبعضها قولا لصحابي، ومعروف أن قول الصحابي إن كان حجة عند بعض العلماء فليس حجة عند البعض الآخر.

فأما الدليل غير واضح الدلالة على جواز الاستئناف, فهو ما جاء في صحيحي البخاري ومسلم أن رجلا من الأعراب أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله، فقال الخصم الآخر -وهو أفقه منه: نعم فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "قل"، قال: إن ابني كان عسيفا٢ عند هذا فزنى بامرأته، وإني أخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، "أي: جارية صغيرة" فسألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك مائة جلدة وتغريب عام، واغد يا أنيس ٣ إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، فغدا عليها، فاعترفت، فأمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجمت٤.


١ نظام القضاء في الإسلام، لأستاذنا الدكتور إبراهيم عبد الحميد، ص٢٩٦.
٢ عسيفا أي: أجيرا.
٣ تصغير أنس بضم الهمزة وفتح النون.
٤ صحيح مسلم، بشرح النووي، ج١١، ص٢٥٠، ونيل الأوطار، ج٨، ص٢٨١.

<<  <   >  >>