للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد استدل البعض بهذا الحديث على جواز الاسئناف١, ولا نرى صحة الاستدلال بهذا الحديث على الاستئناف؛ لأنه لم يصدر حكم من قاض في هذه القضية قبل أن ترفع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وإنما يبين الحديث أن الرجل أخبره بعض الناس أن على ابنه الرجم، فافتدى منه بمائة شاة وجارية، فسأل أهل العلم فأخبروه أن على ابنه جلد مائة وتغريب عام، فأهل العلم الذين أخبروه إنما أفتوه بهذا الحكم, ولم يكونوا قضاة أصدروا حكما قضائيا حتى يصح الاستدلال بالحديث.

وأما الحديث الذي لم يثبت٢ فهو ما رواه الإمام أحمد وغيره، عن حنش بن المعتمر، عن علي بن أبي طالب قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن، فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للأسد٣، فبينما هم كذلك يتدافعون، إذ سقط رجل فتعلق بآخر، ثم تعلق الرجل بآخر، حتى صاروا فيها أربعة، فجرحهم الأسد، فانتدب له رجل بحربة فقتله، وماتوا من جراحهم كلهم، فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر، فأخرجوا السلاح ليقتتلوا فأتاهم علي -رضي الله عنه- على تفيئة ذلك "أي: على أثر ذلك" فقال: تريدون أن تقاتلوا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حي؟ إني أقضي بينكم قضاء، إن رضيتهم به فهو القضاء، وإلا حجز بعضكم عن بعض، حتى تأتوا النبي -صلى الله عليه وسلم، فيكون هو الذي يقضي بينكم، فمن عدا بعد ذلك فلا حق له، اجمعوا من قبائل الذين حفروا البئر ربع الدية، وثلث


١ التراتيب الإدارية، لعبد الحي الكتاني، ج١، ص٥٦.
٢ استدل بهذا الحديث المستشار جمال صادق المرصفاوي، انظر: نظام القضاء في الإسلام، له، ص١٥٢، من البحوث المقدمة لمؤتمر الفقه الإسلامي بالرياض، ١٣٩٦هـ.
٣ الزبية حفرة تحفر لصيد الأسد؛ سميت بذلك لأنهم كانوا يحفرونها في موضع عال.

<<  <   >  >>