للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواقع غير موجود، كما لو حكم القاضي بشهادة زور، وهو لا يعلم أنها شهادة زور، فإذا تبين أنها شهادة زور فإن الحكم المبني عليها ينقض في بعض المواضع بالإجماع، وفي بعضها بخلاف فيه بين العلماء.

والخطأ هنا في السبب ووضع الحكم في غير موضعه، والنقض هنا معناه إبطال تعلق الحكم بذلك المحل، وكلمة "نقض الحكم" في هذا الموطن غير متمكنة؛ وذلك لأنه لم ينقض الحكم في ذاته لوجود خطأ به، وإنما نقض عن ذلك المحل وأخرج المحل عنه، فالخطأ حصل في السبب لا في الحكم، والمخطئ هنا هو الشاهد لا القاضي الذي أصدر الحكم، وإن كان حصل للقاضي نوع من الخطأ وهو أنه ظن وجود السبب الحاصل بالشهادة.

الثالث: أن يكون الخلل في الطريق، كما لو حكم القاضي بشهادة كافرين، فهذا الحكم لا يصح لاشتراط الإسلام في الشاهد، فإذا تبين أن الشاهدين كافران فإنه يجب نقض الحكم، سواء كان المشهود به صحيحا أم لا؛ لأن الحكم المعتبر شرعا هو ما كان ثابتا بطريقه الشرعي، فإذا كان بغير الطريق الشرعي فقد حصل الخطأ في الطريق فيجب نقضه، والخطأ هنا حدث من القاضي في اعتقاده عدالة الشهود، وكلمة "نقض الحكم" هنا كهي في الموطن الثاني، وإن كان الفقهاء أطلقوا كلمة "النقض" على جميع المواطن وهو الصحيح١.

الرأي الثاني: ينقض القاضي جميع ما بان له خطؤه.


١ الأشباه والنظائر لابن السبكي، ج١، ص٤٠٦، ويظهر لي أن هذا ما نقله عبد الوهاب بن السبكي عن والده علي بن عبد الكافي السبكي.

<<  <   >  >>