للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعلى منزلة إن شاء الله"١، وقال ابن القاص٢: "وهذا كله إذا كان من مال الله من بيت مال المسلمين، فأما أن يجري له أهل عمله رزقا فلا يجوز له قبوله، وكذلك لو أجراه رجل منهم، أو أجراه السلطان من مال نفسه".

والرأي القائل بجواز أخذ الأجر هو ما نختاره، إذ إن القضاء يحتاج إلى انشغال القاضي بأمور الناس، وقد يترتب على هذا أن يترك كثيرا من أمور نفسه لا يتولاها بنفسه، وقد يؤثر ذلك على ما يعتمد عليه في الإنفاق على نفسه وعلى من يعولهم من زوجة، وأولاد، أو غيرهم.

وقد روى البخاري بسنده أن عبد الله بن السعدي أخبر أنه قدم على عمر في خلافته، فقال له عمر ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا، فإذا أعطيت العمالة٣ كرهتها؟ فقلت: بلى، فقال عمر: ما تريد إلى ذلك؟ قلت: إن لي أفراسا وأعبدا وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين، قال عمر: لا تفعل، فإني كنت أردت الذي أردت، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالا فقلت:


١ فتح الباري، لابن حجر، ج١٣، ص١٦٠، ١٦١ وأدب القاضي والقضاء، لأبي المهلب هيثم بن سلمان القيسي، تحقيق الدكتور فرحات الدشراوي، ص١٧، وأدب القاضي، لأحمد بن أبي أحمد الطبري، المعروف بابن القاص، ج١، ص١٠٩ تحقيق، د. حسين خلف الجبوري.
٢ أدب القاضي، لابن القاص، ج١، ص١٠٩.
٣ العمالة -بضم العين- أجرة العمل، وأما العمالة -بفتح العين- فهي نفس العمل. فتح الباري.

<<  <   >  >>