للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تعقب بعض العلماء الاستدلال بهذا الحديث بأن هذا الحديث لا دلالة فيه على البلوغ؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يتعرض لسن عبد الله بن عمر، وإن فرض خطور ذلك المعنى ببال عبد الله بن عمر.

ورد الشوكاني هذا التعقب بالزيادة التي جاءت في رواية أخرى لهذا الحديث عند البيهقي، وابن حبان في صحيحه، فقد جاءت الرواية عندهما بزيادة "ولم يرني بلغت" بعد قوله: "لم يجزني" وبزيادة: "ورآني بلغت"، بعد قوله: "أجازني"، وهذه الزيادة صححها أيضا ابن خزيمة.

والظاهر أن عبد الله بن عمر لا يقول هذا بمجرد الظن من دون أن يصدر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على ذلك١.

وعلل أصحاب الرأي القائل بأن البلوغ في الذكر والأنثى بخمس عشرة سنة، تساوي الذكر والأنثى في هذا المقدار من السنين مع أن الحديث في الذكر، عللوا هذا التساوي بأن السن معنى يحصل به البلوغ يشترك فيه الغلام والجارية فاستويا فيه كالإنزال للمني٢.

وقد استدل للرأي المنقول عن أبي حنيفة أن الغلام يبلغ بثماني عشرة سنة, والأنثى تبلغ بسبع عشرة سنة بقول الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} ٣. قال فقهاء الحنفية إن الصبي يبلغ أشده


١ نيل الأوطار للشوكاني، ج٥، ص٣٧٠-٣٧٣.
٢ المغني لابن قدامة، ج٤، ص٥١٥.
٣ سورة الإسراء، من الآية رقم: ٣٤.

<<  <   >  >>