وفي هذه الآيات مثال واضح للإنسان الذي ينحرف عن الفطرة السوية، وينقض عهد الله، وينكص عن آيات الله بعد رؤيتها والعلم بها ... ذلك الإنسان آتاه الله آياته، وخلع عليه من فضله، وأعطاه الفرصة كاملة للهدى والاتصال والارتفاع، ولكنه انسلخ من هذا كله، وانحرف عن الهدى ليتبع الهوى، والتصق بالأرض وأغراضها فاستولى عليه الشيطان، وطرد من حمى الله، وأصبح ممسوخا كالكلب يلهث إن طورد، ويلهث إن لم يطارد.
والنبأ في الآية نبأ رجل من علماء بني إسرائيل، وقيل: هو بلعام بن باعوراء من الكنعانيين، وقيل: أمية بن أبي الصلت من العرب. أوتي علم بعض كتب الله، ولكنه انسلخ منها وأعرض عنها، فاتبعه الشيطان وأضله.
وقيل: إن الله تعالى ضرب هذا النبأ مثلا لكفار بني إسرائيل، إذ علموا نبوة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، حتى إنهم كانوا يستفتحون به على المشركين، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به.
وقيل: إنه مثل لكل من آتاه الله من علم الله، فلم ينتفع بهذا العلم، ولم يستقم على طريق الإيمان، وانسلخ من نعمة الله، ليصبح تابعا ذليلا للشيطان.
وهذا المثل منتزع من قصة واقعة، وليس مجرد فرضية مؤلفة.