له، لأن الثورة الجزائرية عمت الوطن كله، وهزت كيان الشعوب المستعمرة للمطالبة بحقها، فأصبحت تقاوم الاستعمار بالسلاح حتى أحرزت على استقلالها.
وتفصيل حوادث الثورة ليس في مقدور أي فرد كان أن يقوم به وحده، لأنها اجتاحت البلاد كلها وطالت مدتها. ولهذا لا يستطيع أحد أن يحصي حوادثها الكثيرة. اللهم إلا إذا تألفت لجان من جميع الولايات التي كانت إبان الثورة - عندئذ - يستطيع رجال كل ولاية أن يسجلوا حوادثها على حدة محافظة على التراث النفيس الذي هو شرف الآباء والأجداد، ووفاء للشهداء الأبرار، والمجاهدين الأبطال.
فبذلك يكون للجزائريين تاريخ طريف أضافوه الى تاريخ أمتهم التليد قديما وحديثا ...
وإنما أذكر الخطوط الرئيسية للثورة والحوادث الهامة، والمراحل التي اجتازتها، وأتبع سيرها من بدايتها الى نهايتها، ولا أدخل في التفاصيل وإنما أشير الى بعضها لأنها متعددة النواحي مترامية الأطراف، لعبت فيها الشجاعة والبطولة دورا هاما، هذا قوي بسلاحه معتمد عليه. والآخر قوي بحقه وبإيمانه وإرادته التي لا تخضع ولا تلين.
من الذي كان يظن أن الشعب يقف في وجه أعظم دولة وأضخم جيش مسلحا تسليحا عصريا ينتزع منه استقلاله، ولا أحد كان يعلم أن في الشعب عباقرة.
يستطيعون أن يسيروا العالم، ومن كان يتكهن أن الفدائيين يغوصون على الموت غوصا، وهم غض الشباب رطب الإهاب، كل هذا لم يستطع أحد أن يعرف قبل الثورة، وإنما الفضل يرجع إليها هي التي اكتشفت المواهب التي كان منطويا عليها هذا الشعب.
نترك تفصيل حوادث الثورة لغيرنا، وإنما قصدنا الوحيد - في هذا الكتاب هو بيان مفعول الدين كيف حوك الجماهير الى الجهاد في سبيل الله، فأصبح هو العامل البارز فيها، فوحد بين صفوف الشعب فصار كل فرد من أفراده لا يدخر جهدا ولا وسعا