بدأ قادة الجيش الفرنسي عملياتهم الحربية الواسعة النطاق ضد الثوار باتباع حرب تقليدية، وهي القضاء على الثورة بقتلهم أو أسرهم، ففشلوا في هذه الخطة، ولم ينجحوا، فرجعوا أسباب هذا الفشل الى نقص في العتاد، فضاعفوا من قوتهم وعتادهم الثقيل وزيد في الجيش.
هكذا كلما خسروا في حربهم مع الثورة يطلبون المزيد من الجند والسلاح وحكومة باريس لا تبخل عليهم بالإمدادات الضخمة فوضعت تحت تصرف قاداتها في الجزائر كلما كان لها من قوة ومن قوة حلفائها أيضا، وكانت دائما تلبى نداء ضباطها لا ترفض لهم طلبا أبدا حتى بلغ عدد قواتها في الجزائر - بعد عام واحد من اندلاع الثورة - خمسين ألف جندي مزودين بأحدث الأسلحة.
جرب جنرالات فرنسا برامج القتال وأنواعه في هذا الوطن وجميع المخططات الحربية الحديثة، واستخدموا جميع أنواع الأسلحة من قديم وحديث، وثقيل وخفيف، ومع هذا كله كانوا يقاسون العجز والفشل والخيبة أمام قوات الثوار المتواضعة وبقي هذا العجز ملازما لهم الى مفاوضة (إيفيا (.
كل هذه الأساليب من البرامج الحربية المحكمة، والهجومات العنيفة، واستعمال الآلات الجهنمية على اختلاف أنواعها وأشكالها، والتخريب والتدمير اللذين سلطا على البلاد، والبطش والفتك اللذين استعملا ضد المسلمين لم تغن عنهم هذه القوات كلها ...
عندئذ أفاق جنرالات فر نسا على الحقيقة التي لا تقبل الشك بأنهم يخوضون حربا حقيقية، ويقاتلون شعبا قويما عتيدا عقد العزم على استرجاع سيادته المغصوبة وكرامته المهدورة أدرك جنرالات فرنسا هذا كله، وأدركوا أيضا أن عدوهم الذي يقاتلهم ليس بعصابات ثائرة أو من الذين رفعوا راية العصيان