لا يزال المسلمون متدهورين رغم الحوادث التي انتابهم
لا زال التدهور ملازما للمسلمين حتى من بعد الاستقلال، لقد زال الاستعمار بموجته الطاغية من أقطار العالم الإسلامي غير أنه ترك سمومه تفتك بالمسلمين من بعده فتكا شنيعا ولما تم النصر لهذه الأوطان، وخرج الأوربيون مطرودين. حمد المسلمون الله على هذه النعمة الكبرى والمنة العظمى، وأصبحوا متشوقين ومتطلعين الى الحكم الذى يعيد اليهم شخصيتهم الفذة، وقوانين الاسلام العادلة التي طالما ناضل المسلمون من أجلها في القديم والحديث، وبذلوا كل جهد في سبيل إعادتها الى الحياة فكانوا ينتظرون بفارغ الصبر وكامل الاشتياق متى يعلن دستور البلاد الذى ينبع من صميم العقيدة الاسلامية.
ولكن ويا للأسف!. ما كاد المسلمون يذوقون طعم الاستقلال والحرية، حتى برزت الأمراض الاجتماعية الفتاكة والتيارات الالحادية، والتفكك الخلقي، والاباحة الماجنة التي كانت سببا في سقوطهم في الماضي، فبدأت تعمل عملها من بعد الاستقلال - بصفة طاغية عاتية تهدد باستئصال الاسلام، وكل ما للبلاد من قيم روحية، وأخلاق شريفة، وعوائد وطباع نقية فاضلة، فكادت المخلفات الاستعمارية تقضى على مقومتهم الأساسية وعلى شخصيتهم الأصيلة.
بدأت المجتمعات الاسلامية - من بعد الاستقلال - تمارس شؤون حياتها على نظام أجنبي بحت غير متلفتة لنظام الاسلام الذى هو عنصر أصيل في حياتها والذى حافظ على شخصيتها عبر القرون والاجيال، وكان سببا في انتصارها على أعدائها مهما كانوا وفي أي زمن كانوا.
جاء هذا الانحراف الشنيع عن الدين من الثقافة الغربية التي تشبع بأفكارها قادة المسلمين الحاليين ولذا فهم يطبقون قوانين أوربا وعوائدها على المجتمعات الاسلامية وكل من يدعو الى الاسلام يتهمونه بالرجعية والجمود والتخلف.