منذ تسلم الجنرال ديغول الحكم، وهو يعمل ليلا ونهارا من أجل الوصول الى أهدافه التي رسمها من أول صعوده الى منصة الرئاسة، وهو القضاء على الثورة في أقرب وقت ممكن ولذا سن للجزائر برامج كثيرة ومشاريع واسعة من اقتصادية واجتماعية وسياسية وعمرانية والمؤتمرات الحربية التي كان يعقدها لدراسة الوضع الحربى على الخرائط وعلى طبيعة الأرض التي تدار فيها المعارك ومواصلة تدريب الجيش على تسلق الجبال ليكون قادرا على حرب العصابات، وتنظيمه تنظيما ثوريا حتى يباغت الثوار في أماكنهم.
فعل الجنرال هذا كله وأكثر من ذلك فبذل مجهودات جبارة في ميدان الحرب لأنه علق آمالا كبيرة على العمليات الحربية وخصوصا برنامج شال، وكان يأمل أن يكون عام ١٩٥٩م نهاية الحرب، ولكنه أصيب بخيبة كبيرة، ولا سيما بعد فشل معركة (جوميل (فتحقق حينئذ أنه يقاتل قوة لا تقهر قوة شعب يطالب بحقه تسانده شعوب كثيرة ...
ولما تحقق عجز القوات الفرنسية عن إبادة الثورة وتحطيمها راح يفتش عن حل سياسي يضمن به حضور فرنسا في الجزائر وارتباطها بأم الوطن ارتباطا وثيقا ...
هذا الحل الذي يعتزمه الجنرال ما هو الا حل استعماري جديد مقنع يخفى به وجهه القديم السافر، ومع هذا كان يخشى من الجهر به خوفا من معارضة الجيش، وغلاة المعمرين المتطرفين أصحاب اليمين الذين لا يزالون يحلمون بالإمبراطورية العظيمة ...
رأى الجنرال قبل إعلانه لهذا الحل أن يستشير رجاله في الجزائر، فطار اليهم في زيارة قصيرة، واجتمع بقادة الجيش وبعد ما عرض عليهم مشروعه هذا قفل راجعا الى باريس ...