ولما تمكن الجنرال من قبضة الحكم وضمن ثقة الشعب الى جانبه، وخلا له الجو من المعارضة حل الجمعية الوطنية وألف لجنة من المشرعين الكبار وأرباب القانون ليجددوا له الدستور، ووضع لهم تصميمات خاصة، وكانت هذه اللجنة لا تقر المواد بصفة نهائية الا بمراجعته ومشورته حتى جاء هذا الدستور الجديد مطابقا لفكرته لأن الأعمال التي يريد اعتزامها لا بد له من موافقة الدستور عليها وهذا الدستور يترك الباب مفتوحا أمام المستعمرات في افريقيا الغربية والوسطى لكى تختار بين البقاء في العائلة الفرنسية، أو الانفصال عنها، لأنه كان خائفا من ثورة الجزائر أن تمتد الى هذه المستعمرات، ولم يشرك الجزائر في هذا الاختيار لأنه كان يعتبرها أرضا فرنسية ...
ولما تم الدستور قدمه الى الشعب الفرنسي، والى الشعوب المستعمرة في افريقيا للمصادقة عليه، وعين له يوم ٢٦ سبتمبر ١٩٥٨ م، وأخذ في بث الدعاية له ونشر مواده على صفحات الجرائد في فرنسا والأقطار التابعة لها وسافر الجنرال بنفسه الى افريقيا السوداء ليفهمها في هذا الدستور حتى تصادق عليه بإجماع.
وكانت قوات الأمن والمنظمات الفاشية والعسكريون يضغطون على السكان المسلمين ليشاركوا في هذا الاستفتاء باعتبارهم فرنسيين ...
قابلت الثورة هذه الاعمال المنافية للمعقول والمنطق الصحيح بإجراءات مضادة لها، ففي يوم ٢٥ من أغسطس ١٩٥٨م أمرت جبهة التحرير الفدائيين أن يحطموا المنشآت الاقتصادية والعسكرية في أرض فرنسا نفسها، فعم التخريب جميع الوطن الفرنسي كاملا، فكانت خسائر كبيرة تعد بالمآت المليارات.
وفي يوم ٢٦ - ايلول ١٩٥٨م جرى الاستفتاء العام على هذا الدستور وقبل الاستفتاء صرح القائد الجزائري بوصوف قائلا: