وفي شباط سنة ١٩٥٧م فتحت جمعية الأمم جلستها السنوية، وقيدت قضية الجزائر بصفة رسمية في جدول أعمالها بطلب من الشعوب الأسوية والافريقية لتناقش على هذا المنبر العالمي، فناهزت جبهة التحرير هذه الفرصة، وأرادت أن تبين للعالم بأن هذه الثورة شعبيه لا كما يدعيه الاستعمار الفرنسي بأنها ليست من الشعب، وإنما هي من المشوشين وقطاع الطريق تريد النهب والسلب فقط ...
ولما قدمت القضية للمناقشة من طرف الهيئة الأممية، أصدرت جبهة التحرير أوامرها للشعب بأن ينعزل عن العمل ثمانية أيام ليتحقق العالم من تضامنه واتحاده مع الثورة، فأطاع الشعب هذه الأوامر، وأضرب عن العمل بجميع طبقاته، وبرهن على أنه من وراء جبهة التحرير، فهي التي تمثله تمثيلا، حقيقيا، فتحقق العالم من أن هذا الإضراب العام كان تأكيدا وتدعيما للثورة، وصار حجة قاطعة في يد جبهة التحرير تدحض به أقوال الخصم في المحافل الدولية والاجتماعات العامة.
بدأ العالم يعطف على هذه الثورة ويؤيدها، وانقسمت الهيئة الأممية في شأنها فبعضها يؤيد فرنسا، ويعتبر هذه القضية قضية فرنسية لا دخل لمجلس الجمعية فيها، ويفوض حل القضية إليها، وبعض من هذه الهيئة يلازم الحياد عند الاقتراع، والباقي يؤيدها.
وقفت الحكومة الفرنسية من هذا الاضراب موقفا حازما، فقررت منعه منعا باتا، وأخذت لذلك جميع الاحتياطات والتدابير اللازمة لمجابهته بالقوة، فأوعزت الى القادة العسكريين بأن يحلوا هذا الاضراب ويبطلوا مفعوله بأي وسيلة كانت، حتى لا تتكرر مثل هذه الوقائع، والعقاب الصارم لمن حدثته نفسه بالامتثال لأوامر الثورة فيكون عبرة لغيره، ويجب عليهم