عجزت الحكومة الاشتراكية الفرنسية عن القضاء على الثورة وسئمت الحرب التي طال أمدها رغم النشاط الذى اتسمت به في الميدان العسكري، ورغم سياسة الارهاب والبطش اللذين اتخذتهما إزاء المسلمين، ورغم التصريحات باستقلال الشخصي والانتخابات من بعد وضع السلاح، وهذه التصريحات كلها كانت تمويها وخداعا، وفراغا في فراغ لا فائدة منها ... وفي حزيران سنة ١٩٥٧م سقطت حكومة (قى مولى) وأخلفتها في الحكم حكومة) بوجيس مونيري) فسارت أشواطا قصيرة، ثم سقطت، ومن بعد هذه الحكومة صعدت الى منصة الحكم حكومة (فليكس قيار)، وهاتان الحكومتان كانتا امتدادا لحكومة (قى مولى)، فهذه الحكومات كلها كانت تنتسب الى الحزب الاشتراكي الفرنسي، سارت هاتان الحكومتان على نفس الخطة التي سارت عليها الحكومة الأولى، ولم تغير شيئا منها.
وفي هذه المدة شاعت أعمال الزجر التي يستعملها الجيش الفرنسي في العالم، وذلك بواسطة الاذاعات والجرائد والمناشير المصورة التي كانت توزع على الناس والافلام السينمائية التي كانت تكشف عن الجرائم التي يرتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر، فضج العالم من هذه الأعمال الوحشية فتبرأت الأحزاب الاشتراكية العالمية من الحزب الاشتراكي الفرنسي الذى خالف مبدأه في الحرية والمساواة وكذلك العقلاء من الفرنسيين فكانوا ينصحون حكومتهم بحل هذه القضية حلا سلميا.
لكن الوزير المقيم في الجزائر عارض هذا الحل، ووقف في وجه كل من يريد المفاهمة مع جبهة التحرير الوطني بكل شدة، وطلب من الحكومة الفرنسية أن تمنحه ربع الساعة الأخيرة يعالج فيه الوضع الجزائري لعله يجد حلا مقبولا من الطرفين، لكن هذا الربع طال حتى بدأ بعض الفرنسيين ينادون بسقوط الوزير، واتهموه بأنه كان حجر عثرة في طريق المفاهمة، وسببا في تعكير