اتخذت جبهة التحرير لجيشها جبال الجزائر محطة رحالهم، ومراكزها الرسمية لحصانتها ومناعتها ووفرة السكان فيها، فمنها كان جيش التحرير يوالى هجوماته على العدو، ويواصل كفاحه ضد المحتل، وهو في مأمن ومنجاة منه ويستعين بالسكان على أعماله الشاقة واختلط بهم اختلاطا تاما.
قررت جبهة التحرير تعبئة جميع موارد الشعب سواء كانت مالا أو إنسانا، أو غير ذلك من الأشياء الأخرى التي تحتاج اليها الثورة، لأن الثورة من الشعب والى الشعب، فيجب أن تستمد قوتها منه.
وقفت الأمة الجزائرية من الثورة في أول الأمر موقف حذر وتربص حتى تبين أمرها وبعدما اتضح شأنها، اندفعت في تيارها، وارتمت في أحضانها بغضها وغضيضها وأصبحت تبذل كلما كان في وسعها من قوة وجهد، وكل فرد كان يقدم لها الاعانة اللازمة التي يستطيع عليها عن طيب قلب وهو راض بالمسؤولية التي تناط بعهدته، وأنه على علم بما ينجم عنها من أخطار، ولربما ذهبت بحياته، ولكن في سبيل الوطن تهون كل تضحية حتى دهش قادة الثورة من هذه الأعمال المشجعة والتضحيات الجسيمة، فوجدوا كل إعانة وتأييد من طرف الشعب الذى كان يرى لهؤلاء القادة فضلا كبيرا عليه لأنهم فتحوا له طريق الحياة الحرة، ونفسوا عن كبته الذى لازمه دهرا طويلا، ومحوا عنه ذل العار والمذلة التي لحقته من طرف الاستعمار ...
كان سلاح الثوار في أول الأمر سلاحا تافها فأغلبيته من بناديق الصيد وبعض المسدسات، وشيء قليل من الرشاشات، وبعض المتفجرات من الصنع المحلى، والباقي من الجنود ليس لهم سلاح، وإنما كانوا يحملون الأدوات المنزلية كالفؤوس والشاغور، والخناجر والعصي يلوحون بها في الهواء والخرطوش كان لديهم قليلا جدا غير أن هذا لم يكفهم عن القتال ...