استمرت ثورة العالم الإسلامي المباركة في زحفها الشديد أمدا طويلا، وسرى لهيبها في الشرق والغرب، وشاركت فيها جميع طبقات الشعب، فبرهنت للاستعمار على انه ليس عضوا من جسم، وليس هو كما يزعم مركز الدائرة بل هو كغيره نقطة من محيطها، ويفضل اتحاد المسلمين والتفافهم حول الدين الحنيف أكسبهم النصر المبين.
هذا الاستقلال الذي أحرز عليه المسلمون في هذه النهضة المباركة ما هو إلا ثمرة من ثمرة جهادهم المتواصل، ونتيجة أعمالهم المخلصة، وهذا هو الفرق الهائل بين الماضي القريب واليوم، وبين الاتحاد والفرقة، والنظام والفوضى.
هذه الثورة ثورة القرن الرابع عشر الهجري جعلت حدا لسيطرة الاستعمار على المسلمين وأبرزتهم للوجود على شجيتهم الأصيلة كما كان أجدادهم الميامين في الماضي، فبرزت العقيدة الاسلامية قوية مؤثرة لا كما كان يظن الاستعمار وبطانته من ملاحدة المسلمين أنها تلاشت وذهبت ولم يعد لها مفعول ولا تأثير.
ضرب الشباب المسلم وفي مقدمته الشباب الجزائري أروع الأمثلة النادرة في البطولة والثبات، وفي التضحية والفداء مما أدهش الخصوم والأصدقاء على السواء.
لولا الدين لما حالف هذه الشعوب النجاح، لأنها كانت تحارب بدون حكومة ولا قيادة قارة، ولا نظام ثابت، ومع هذا ظلت واقفة في وجه الغزاة المتكالبين عليها من كل ناحية، لا ريب أن الاسلام هو القوة الربانية الباقية في هذا الكوكب، وهو خلاصة الأديان السماوية، والمؤمنون به هم الذين يكتب لهم الخلود والنصر، لأنهم حاملو رسالة السماء والمبلغون عن الله، هم الأمناء على هذا الوجود، لأن تعاليم الأنبياء لم تخرج من