للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثورة الشعوب الاسلامية الحديثة على

الاستعمار الغربي أينما كان

من أحرج الساعات في حياة الامم وأشدها الساعة التي تفقد فيها الحرية والقيادة الرشيدة، ومقومات الحياة كالعلم والسياسة والاقتصاد وغيرها فتظهر عليها أمارات الشيخوخة فتصبح بعيدة عن النظم الاجتماعية فتصير مسخرة للعمل والطاعة العمياء لأسيادها.

تخسر هذه الأمة المستعمرة كل شيء في حياتها، تخسر الوحدة التي هي سبب النجاح والفلاح، تخسر المعارف والعلوم التي تهديها الى طريق السعادة والنجاة، تخسر التعاون والتربية والأخلاق الحميدة التي لولاها لما كانت أمة معتبرة في الوجود، تخسر القدرة على السير الى الأمام.

وهذا ما اعترى الأمة العربية الاسلامية في فترة الانحلال، فركدت أفكارها وجمدت عقولها ومواهبها لأن الاحتلال كان قتلا لمعنوياتها، وطمسا لكيانها وتشويها، لسمعتها، وتلطيخا لتاريخها ومجدها.

وكل دولة أجنبية استعمرت بلدان المسلمين الا وحاولت مرارا وتكرارا أن تقتل الطموح فيها، ولكن الطموح لا يموت موتا نهائيا، فهو كالنار تبقى جذوته ضئيلة غير أنها عاملة نشيطة.

وكل دولة احتلت أقطار المسلمين الا وحتمت عليهم عوائدها وأخلاقها ولغتها وجنسيتها ليعتنقوها، ويذوبوا فيها شيئا فشيئا حتى تبتلعهم.

دخل الاستعمار أرض العرب ووطن الاسلام ومنازل الوحى ومدارس القرآن، فدنس بأقدامه الغليظة مقدسات الشرق، وامتهن البقاع المقدسة فمسك منافذ الحياة فيها، واستولى على مرافق العيش منها، فامتص خيراتها كما امتص روحها وحياتها،

<<  <   >  >>