جاء الرسول صلى الله عليه واله وسلم بدين الاسلام الذى هو من عند الله، ولم يجئ بنظريات علمية معقدة، أو أراء فلسفية شائكة تبعث في النفوس شبها وحيرة وفي العقول شكوكا وريبا، وانما جاء بدين سماوي معالمه واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، ومبادئه في غاية السهولة والبساطة، جاء بدستور رباني ينظم علاقة الانسان بربه وبأن الواجب على المخلوق نحو خالقه، ثم يربط علاقة الإنسان بالمجتمع الذى يعيش فيه.
ومن أجل هذا بعث الله رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الى الناس كافة موجها اهتمامه لإصلاحهم اصلاحا جذريا على مقتضى الدين الحنيف ومحذرا لهم من العوائد السيئة والمعتقدات الفاسدة التي كانت مسيطرة عليهم حينذاك، وأمرهم بالتمسك بهذا الدين، وترك الجدل والخوض في الآيات المتشابهات، ويفوضون علمها الى الله لأن عقول الناس قصيرة، ولا علم لهم بالغيب، فربما يؤولون آية على غير مقتضى ما أراد الله فيهلكون، لهذا كان يحث صلى الله عليه وسم على الأخذ بالآيات المحكمات من الكتاب، وبين لهم أن الجدل في الدين تنشأ عنه المذاهب المتطرفة التي لا طائل تحتها، والدين من عند الله لا اختلاف فيه وما هلكت الأمم السابقة الا بهذا الجدل العقيم فإنهم اشتغلوا بالآراء والنظريات القصيرة البعيدة عن المقصود، وتركوا ما ترشدهم إليه الكتب السماوية فتفرقوا أوزاعا ومذاهب واختلفوا طوائف وأمما وتقطعوا أحزابا وشيعا كل حزب بما لديهم فرحون.
فضلوا طريق الهدى التي رسمها لهم الانبياء عليهم السلام فضعفوا وذهبت ريحهم وتشتتوا وعجزوا عن أداء رسالتهم السماوية، وأصبحوا هم والأمم المشركة على سواء ولما دخل الناس في هذا الدين واطمأنت نفوسهم إليه تهذبت أخلاقهم واستقام سلوكهم، وذهبت السلبيات التي كانت سائدة على