المجتمع الجاهلي وكونوا مجتمعا راقيا تظله راية التوحيد، ورائده الكتاب والسنة، تسوده العدالة والمحبة والإخاء، والمساواة، فتحلى بالعلم والعرفان، وكان هدفه التقوى ونشر الدعوى الاسلامية بين الأمم والجهاد في سبيلها، لهذا سبقوا غيرهم في التقدم والحضارة وملكوا أعظم دولتي العالم لذلك الوقت، وبقي على ذلك هذا المجتمع زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وزمن خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين.
ولكن ما كاد يلتحق صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى حتى بدأ الخلاف بين المسلمين أول ما بدأ في أمور اجتهادية كالخلاف الذي وقع في سقيفة بني ساعدة في تولية من يخلف الرسول في الحكم بعد وفاته، لأنه لم يوص الى أحد الى غير ذلك من الخلافات التي وقعت بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على المسائل التي طرأت على المجتمع الإسلامي من بعد وفاة الرسول الأعظم لكنها لم تكن خطيرة ينجم عنها التفرق أو وقوع الفتنة.
كان اختلاف في السياسة، واختلاف على الشخص المتولى، واختلاف في بعض المسائل الاجتهادية من هذا الاختلاف لم يتجاوز الرأي المحمود الى الرأي المذموم الذى لا يتفق وقواعد الشرع.
ظل الامر على ذلك الى أن قامت الأحزاب السياسية، وظهرت الأغراض الشخصية والطموح الى السيادة هنا بدأ المسلمون يتفرقون أحزابا متعادية بعد ما كان يجمعهم حزب واحد الا وهو حزب الله الا أن حزب الله هم المفلحون.
ومن هناك بدأ الخلاف يخرج عن دائرة الرأي المحمود الى دائرة الرأي المذموم، واستفحل في هذه الآونة، وتعصب كل فريق الى حزبه، والدعاية له والدفاع عنه ولا يستطيع أي حزب أن يسلم للآخر فتصدعت الوحدة الاسلامية الى أحزاب مختلفة وفرق متناحرة التي بناها الرسول صلى الله عليه وسلم وشادها الخلفاء الراشدون من بعده.
لم يظهر هذا التفرق بكل ما فيه من خطر على المسلمين إلا في عصر الدولة العباسية، أما قبل ذلك فقد كان المسلمون يدا