الأمة الاسلامية هي أمة القرآن، إليه يرد أصلها، وبه يعرف نسبها ومنه نسحب وتنسج ما تلبس من حلل العزة والكرامة والسيادة، ولن يمسك وجودها الا رعايتها للقرآن الكريم، واجتماعها عليه ويوم تفتر عزيمتها عن المضي فيه أو تسترخي يدها عن الشد عليه والتعلق به يوم يكون- ولا كان- ردتها الى الجاهلية، وركسها في الضلال، ورعيها في الهمل مع السائمة والهائمة من حواش الأمم ونفايات الشعوب.
وتاريخ المسلمين مع القرآن الكريم يشهد لذلك شهادة قائمة على هذا الحساب، مقدرة بهذا التقدير، جارية معه طردا وعكسا فإنه على قدر ما كان يقترب المسلمون من كتابهم الكريم، وبقدر ما كانوا يرعون حقه ويؤدون أماناته، كان نصيبهم من الخير، وكان حظهم صن السلامة في أنفسهم وأموالهم وأوطانهم. فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله.
والعكس صحيح، فإنه على قدر ما كان يبتعد المسلمون عن كتابهم وبقدر ما يفرطون في حقه ويستخفون بشأنه بقدر ما كان بعدهم عن الخير وكان دنوهم من الخطر، وتعرضهم لآفات التفكك والانحلال فعن شأن القرآن أن يقيم المتصلون به على طريق الحق.
ان الذي يستقيم على دعوة القرآن لهو إنسان سليم في كيانه ومعافى في نفسه، ثم هو قادر على أن يحمل الهدى الى غيره، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويكون خليفة الله في الأرض وخليفة الرسول في الدعوة وهداية الناس إليه.
ولكن صحبة المسلمين للقرآن لم تكن قائمة على العدل والاحسان في جميع الأحوال فكثيرا ما أساء المسلمون تلك الصحبة وأوسعوها جفاء وعقوقا حيث يعيش فيهم القرآن غريبا لا