كانت الأمة الجزائرية مضطهدة منذ الاحتلال الفرنسي الذى وطئ أرضها سنة ١٩٣٥ م، ومنذ ذلك الوقت وهى محرومة من جميع حقوقها الطبيعية والشرعية بعيدة عن وسائل الحياة، وكانت تعامل معاملة سيئة من طرف الاستعمار، كالاحتقار والإهانة والازدراء بكرامتها وشرفها، ونزع أملاكها وتسخيرها للعمل، وعدم احترام مقدساتها، وغطرسة الحكام وتجبرهم.
كل هذا كان يترك آثارا سيئة في نفسها، ولن تستطيع أن تفرج عن كبتها لا بكلام أو دفاع أو رد فعل، لأن سيف الاستعمار كان مصلتا دائما فوق رأسها، ولهذا ما كادت تعلن ثورة ٥٤ حتى انفجرت كالبركان، ونفرت الى ميادين القتال خفافا وثقالا.
ومن العوامل القوية التي نشرت الوعى الوطني في الشعب ودفعته الى الثورة هي الأحزاب السياسية الوطنية التي تأسست من أجل هذا الغرض فكانت تهدف الى مقاومة الاستعمار وتحرير الوطن، فنبهت الرأي العام، وأيقظته من سباته فدبت الحياة في أوصاله ...
وتأسيس الأحزاب يرجع الى ما بعد الحرب العالمية الأولى ان المحاضرة الأولى للحركة الوطنية وقعت في سنة ١٩٢٤م ألقاها الامير خالد في باريس حضرها عدد كبير من مهاجري شمال افريقيا، وعلى عقبها تفرق الجمهور وهو يهتف (تحيا شمال افريقيا حرة مستقلة)، وفي شهر سبتمبر من نفس السنة تأسس نجم شمال افريقيا في باريس، وكان الغرض منه أنه يدافع عن مصالح العمال المادية والمعنوية والاجتماعية، ومن بعد تولدت منه حركة تهدف الى استقلال أقطار شمال افريقيا، الرئيس الأول لهذه الحركة هو السيد محمد جفال مع أعضاء مكتبه، وفي سنة ١٩٢٩م حلت هذه الحركة من طرف السلطة الفرنسية غير أنها تابعت سيرها في تسر تام، وفي نفس السنة اعتقل رئيسها مصالي الحاج وغادر التراب الفرنسي، والتجأ الى جنيف حيث التقى