للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان بالله عز وجل صنع رجالا

كانوا أغمارا في الجاهلية فأصبحوا سادة العالم

بعث محمد صلى الله عليه وسلم، والعالم مبعثر ومشتت كل شيء فيه، فهو في غير محله، نظر محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس فرأى كل واحد هانت عليه نفسه رآه يسجد للحجر والشجر والنهر، وكل ما لا يملك لنفسه النفع والضر، كان الناس يتحاكمون إلى قانون الغاب، رأى مجتمعا كل شيء فيه في غير شكله، أصبح المجرم فيه سعيدا، والصالح شقيا، لا أنكر في هذا المجتمع من المعروف، ولا أعرف من المنكر. ورأى عادات فاسدة تستعجل فناء البشرية وتسوقها إلى هوة الهلال ورأى معاقرة الخمر إلى حد الإدمان، والخلاعة، والفجور الى حد الاستهتار، وتعاطى الربا الى حد الاغتصاب، واستلاب الأموال، ورأى الطمع وشهوة المال الى حد الجشع والنهامة ورأى القسوة والظلم الى حد الوأد وقتل الاولاد، ورأى ملوكا اتخذوا بلاد الله دولا، وعباد الله خولا، ورأى أحبارا ورهبانا أصبحوا أربابا من دون الله يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله.

رأى المواهب البشرية ضائعة لم ينتفع بها أحد، ولم توجه التوجيه الصحيح، فعادت وبالا على الانسانية، فقد تحولت الشجاعة فتكا وهمجية، والجود تبذيرا وإسرافا، والانفة حمية جاهلية والذكاء شطارة وخديعة والعقل وسيلة لابتكار الجنايات، والابداع في ارضاء الشهوات رأى هذا كله وأكثر منه في بيئته الخاصة وفي العالم، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم رجلا اقليميا أو زعيما وطنيا، أو مصلحا لناحية من نواحي المجتمع اذ مجال العمل في بلاد العرب فسيح، لو كان رجلا إقليميا لسار في قومه سيرة القادة السياسيين والزعماء الوطنيين، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث لينسخ باطلا بباطل ويبدل عدوانا بعدوان، ويحرم شيئا في مكان ويحله في مكان آخر، لم يبعث زعيما وطنيا، أو قائدا سياسيا، وإنما أرسل الى الناس كافة بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا وأرسل ليخرج عباد الله جميعا

<<  <   >  >>