كان المفكرون من الفر نسيين الأحرار ينظرون الى هذا الرجل الذي نادت به الأغلبية من الشعب نظرة تختلف عن نظرة الفريقين معا فكانوا يرون فيه القائد المحنك والمنقذ الوحيد لفرنسا مما تتخبط فيه من أزمات حادة ووطنية متحجرة وعقليات رجعية بغيضة زجت بالشعب الفرنسي في حروب دامية متواصلة الحلقات طويلة الأمد أودت بزهرة الشباب وبثروته المالية وبسمعته وشرفه، وكان داهية حقا ذا وطنية عميقة وطموح كبير، ففطن الى خطة الجيش الذى دبر الانقلاب، وما يعتزمه من الأعمال التي لا تتفق مع الأوضاع الديمقراطية، ولا تتلاءم مع الظروف الحالية، وكان على علم تام لما يرمي إليه الجيش من الأهداف البعيدة، وأدرك أن عهد الاستعمار قد انقضى وولى، وكان عازما على اصلاح الجهاز الإداري المتعفن، وتوسيع الاقتصاد وتطور الصناعات حتى تلتحق فرنسا بمصاف الدول العظمى، ورسم خطة محكمة للمستعمرات التي هي تحت الحكم الفرنسي لتصبح مرتبطة بفرنسا رباطا وثيقا وتتعاون معها في جميع الشؤون ...
لهذا استجاب للنداءات المتكررة وقبل الحكم، ولكنه اشترط أن تفوض اليه جميع الأمور، فرضى الجميع بهذا الشرط، وفي ٢ حزيران ١٩٥٨م منحت الجمعية الوطنية الثقة للجنرال ديغول بأغلبية ساحقة، وعلى إثر إعلان هذه النتيجة طالب الجنرال الجمعية الوطنية بمنحه سلطات خاصة أكثر من التي حصل عليها أسلافه في الحكم لمعالجة الثورة الجزائرية التي مضى على نشوب الحرب فيها أكثر من ثلاثة أعوام ونصف، وفي الثالث من هذا الشهر صادقت الجمعية الوطنية على إصلاح الدستور الذى قدمه الجنرال ديغول ...