ولما تسلم الجنرال الحكم قصد مقر رئاسة الوزراء، فكان أول المهنئين له مجرم الحرب (لاكوست) الوزير المقيم في الجزائر ...
والآن ألقى نظرة على قصد الجنرال ديغول هل كان حقا يريد تطبيق سياسة تقرير المصير على الجزائر منذ صعوده الى الحكم، ولم يعلن عنها الا من بعد أن واتته الظروف وقضى على المعارضة؟ أم أنه كان يريد مثل سابقيه من حكام فرنسا أن يحل القضية الجزائرية حلا عسكريا تدريجيا تحت ضغط الحوادث التي انتهت بتقرير المصير ...
وعلى كل حال فلكل من النظريتين شواهد تدل على صحتها وإنى أمضى مع هذا الرجل منذ توليه للحكم ومعالجته لمشكل الجزائر الى الاستقلال وأبين الحوادث التي وقعت في عهده والقارئ الكريم يحكم بصفة نظرية من هاتين النظرتين وفي اليوم التالي من توليه للحكم طار الى الجزائر، وهناك استقبل من الفاشيست والعسكرين استقبال الفاتحين، وأحاطوه بهالة كبيرة من التقديس والاجلال، وكان متقمصا شخصية "نابليون العظيم" فألقى خطابا موجزا في المفوضية العامة قال فيه: (سأجعل جميع الجزائريين فرنسيين: وسأعمل على إيجاد جنسية فرنسية واحدة لكل سكان الجزائر، واعترف بشجاعة الجزائريين)، وقال:) ان البطولة لم تكن غريبة عن أرض الجزائر (.
وفي اليوم السادس من شهر حزيران ٥٨ - زار وهران وأكد لمستقبليه أنه سيتولى بنفسه إدارة شؤون الجزائر حتى يضمن النجاح التام لانتصار فرنسا في حربها ضد الثوار، وزار عدة مدن وقرى، وألقى عدة خطب كثيرة كلها تحث على إرجاع السلم والهدوء، وكلامه على مصير الجزائر كان غامضا ومبهما، وغلاة المعمرين كانوا يريدون منه أن يصرح بأن الجزائر فرنسية، ولكنه امتنع ولم يتلفظ بها أبدا الا مرة واحدة في مدينة مصطفى غانم ...
علقت القيادة العليا للثورة الجزائرية على خطابه فقالت:) ان خطاب الجنرال الذى يعد فيه بالمساواة والادماج بين الشعبين