أيديهم، ولهذا جعلهم الله شهداء على الناس قال تعالى:(وكذلك جعلنكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم، شهيدا)(١)، والله لن يتخلى عنهم أبدا لأنهم أكرم عباده في هذه الارض. ولن يتركهم وحدهم لهذا الضريم المتأجج والبغي السافر والالحاد الكافر.
ظهرت روابط الدين بين المسلمين في هذه النهضة المباركة قوية ومتينة، كما كانت أيام عزها وجدها، لم تتأثر بملابسة الحوادث والزمن، وأواصر الأخوة التي شادها الإسلام وقررها القرآن، ودعمها نبي الاسلام، كانت محكمة الحلقات لم تستطيع يد الشيطان أن تفرقها لأن يد الله جمعتها (وما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان) والاستعمار عجز عن حلها وفصمها.
انتصرت الشعوب الاسلامية - في هذه النهضة - على أعدائها بعد ما ثارت ثورات كثيرة ولم يحالفها النصر فيها، ولولا هذه الثورة الأخيرة لانسلخت عن الاسلام ولكنها برهنت على أنها لا زالت متمسكة به، ومسيطرة على نفسها، ومهيمنة على إحساسها وشعورها، ولهذا لم ينجح الاستعمار في هذا الاحتلال ولم يستطيع أن يكسب عطف المسلمين ولا نال رضاهم، بل ظلوا رغم احتلال بلدانهم ورغم الحكم الجائر والقوانين الاستثنائية، والمكائد المبيتة متشبثين بالإسلام، وحسب المسلمين من هذه النهضة أنهم قضوا على ما غرسه الاستعمار فيهم من الخوف والجمود، ونزعوا ما بذره فيهم من بذور الاختلاف والشقاق، والتخاذل فحطموا القيود والأغلال التي قيدهم بها طيلة القرون الماضية ورموا عن كواهلهم مخلفات القرون المظلمة التي كانت تتحكم فيهم، وتثبط في عزائمهم، ونفضوا عن كواهلهم غبار الذل الذي غشيهم في هذه العصور المتأخرة حتى ظن الغربيون أن هذه الشعوب لم تعد تتأثر بالإسلام كما كان أسلافهم في الماضي.
أصبحت هذه الشعوب تدير شؤنها بنفسها وتوجه سياستها كما تريد، وهي سائرة بخطوات ثابتة في سبيل عزها ومجدها، وبناء مستقبلها، واحتلت مكانتها المرموقة من بين دول العالم،