الجو، واضطراب الأحوال وكانت الحكومات في سقوط متوال والاقتصاد في انهيار وخراب واختلفت أحزاب فرنسا فيما بينها في قضية الجزائر، فبعضهم يطالب بالمفاوضة مع جبهة التحرير وباستقالة الوزير المقيم، والبعض الآخر يطالب بالحرب، وبإبقاء الوزير في منصبه فكادت حرب أهلية تندلع بينهما.
وفي هذه المدة ضاقت القيادة العليا للجيش الفرنسي من حركات جبهة التحرير التي كانت على الحدود التونسية، ومرورها على الأسلاك الشائكة، لأنها جلبت الآلات اللازمة لقطع هذه الأسلاك، ودربت فرقا على ذلك وكانت تشرف على المرور، وتنقية الطريق من الألغام لكى يمر المجاهدون بسلام ...
اعتبرت القيادة العليا للجيش الفرنسي هذه الأعمال من جانب الحكومة التونسية عملا معاديا لفرنسا فقررت أن تعاقبها ففي شهر شباط سنة ١٩٥٨م أمر الضباط الفرنسيون بقنبلة ساقية سيدى يوسف داخل التراب التونسي، وأنها لا تبعد كثيرا عن الحدود الجزائرية انتقاما من الحكومة التونسية التي سمحت لجبهة التحرير بإقامتها فوق أرضها ... فوجئت هذه القرية الهادئة بسقوط القنابل، وانفجارها على المنازل فكانت تخر على من فيها من الأبرياء الآمنين، ما ترى الا النار مشتعلة هنا وهناك، والأرواح تزهق، والناس في هلع وذعر لا يدرون ما دهاهم. كان هذا العمل ظلما وعدوانا صارخا على دولة محايدة معترفا بسيادتها واستقلالها فثارت الحكومة التونسية بالاحتجاج لدى جمعية الأمم، وآزرتها في ذلك بعض الدول، واستاء الرأي العام العالمي من جراء هذا الهجوم الغادر الذي لا مبرر له، وبدأت الإعانات والتبرعات من لدى المحسنين تصل الى المنكوبين من هذه القرية باستمرار.
اعترفت حكومة (فليكس قيار) بهذا الاعتداء، وتوسطت أمريكا وانجلترا في هذا النزاع خوفا من تدخل مجلس الأمن، في هذه القضية، فانتدبت كل منهما مندوبا عنها ليكون وسيطا في الصلح ما بين حكومة باريس وتونس ولم ترض أي حكومة