فرنسا، وأعطى للبعض الآخر التقاعد وكان يخلفهم بآخرين موالين له ومحبذين لسياسته ... أما إدارة الجزائر العليا فلم يسمح لأي أحد أن يتدخل في شؤونها فجميع أمورها وقضاياها يجب أن ترجع إليه وحده، فعين موظفا ساميا حل محل الوزير السابق على القطر الجزائري ومنحه جميع السلطة العسكرية والمدنية، وهذا المفوض السامي لا يفعل شيئا من عنده، وإنما ينفذ أوامر رئيس الجمهورية التي يتلقاها منه مباشرة.
ولما كانت الحرب تمس القطرين الشقيقين تونس والمغرب مسا مباشرا أصبحت علاقتهما سيئة مع فرنسا بسبب الإعانة التي كانا يقدمانها إلى الثورة، فأراد صاحب الجلالة محمد الخامس طيب الله ثراه أن يعرض وساطته بين الحكومة الفرنسية وجبهة التحرير ليجعل حدا لهذه الحرب القذرة، وكان ذلك بدافع النية الحسنة والمصالح المشتركة والصداقة التي كانت تربط بين الرجلين، فسافر جلالة الملك الى جزيرة (مادغشقر)، وكان القصد من هذا السفر هو أن يذهب الى جزيرة (مادغشقر) ليزور الأماكن التي كان منفيا فيها وتبع طريق منفاه، ولهذا ذهب الى هذه الجزيرة ليتفاهم مع رئيس الجمهورية على هذه الوساطة ...
فأرسل الجنرال ديغول مندوبا عنه الى جلالة الملك محمد الخامس ليتفقا على الموعد ويحددا الزمان والمكان، ولكن رئيس الجمهورية لم تعجبه هذه الوساطة، لأنه لم ير فيها فائدة، فبدأ يتلكأ ويماطل ويعتذر عن هذه الملاقاة بسبب كثرة المشاكل والحوادث، فكان يؤخرها من حين الى آخر، وهذا كله عن قصد وسوء نية ...
وفي صيف سنة ١٩٥٩ م سافر جلالة الملك الى أوربا مع عائلته وحاشيته ففي الظاهر كانت الزيارة للاستجمام والراحة وهى في الحقيقة يقصد بها ملاقاة الجنرال فلما علم هذا الأخير بعزم جلالة الملك دبر له مكيدة عن طريق وزيره الأول فحالت هذه المكيدة بينهما، فرجع الملك حانقا الى الرباط ...
واشتهرت هذه المحاولة في الأوساط العالمية وكان العالم يترقب في نتائجها.